بقلم : أحمد السكسيوي
لاشك ان موضوع السلطة والحرية من اهم المواضيع الدسمة التي هتم بها الفلاسفة والمفكرين مند الاقدمين. في عصر الاغريق على سبيل المثال ظهر كتاب تحت عنوان "الجمهورية الفاضلة" لافلاطون وقد بين فيها نوع الدولة المثالية التي ترعى وتضمن الحرية للانسان. فالانسان بفطرته حر لكن التحولات التي مست النظام الانساني من القبيلة الى نظام سياسي اكثر هيكلة ساهم بشكل كبير في تقييد الحرية ودلك عن طريق الدولة التي تعتبر صاحبة الحق الاصيل في استخدام السلطة. وسلطة تعارض الحرية بمفهومها الواسع لدى وجب التفكير في وضع حدود لها - السلطة - التي يمكن من خلالها التعامل مع الفرد (1) انها بل فعل قضية تتير بال المهتمين وغير المهتمين بالمجال السياسي. لهدا جاء الفكر الغربي ليجيب عن اشكال " ما علاقة السلطة بالحرية ؟ " ولم يكن الغرب فقط بل كان للفكر الاسلامي الدور في الاحاطة بهدا الاشكال وبدورنا نقوم بطرح السؤال التالي :
" كيف كان التصور الاسلامي والغربي في اشكال علاقة السلطة بالحرية ؟ "
_ اولا : التصور الاسلامي
لنبدا بالتصور الاسلامي. فالاسلام يعترف ويضمن الحقوق والحريات الانسانية. فالحق في نهاية المطاف هو حرية والشريعة الاسلامية هي اول من نادت بالحرية فالانسان لا يستبعد لقول عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.". وفد عرف الفقه الاسلامي الحرية في الاصطلاح بتعاريف كثيرة منها: تعريف جابر بن حيان الكوفي (ت815هـ) بانها: ارادة تقدمتها روية مع تمييز. وقال ابو حامد الغزالي محمد بن محمد بن محمد (450-505هـ) بأن: الحر من يصدر منه الفعل مع الارادة للفعل على سبيل الاختيار، على العلم بالمراد. وعرفها الدكتور زكريا ابراهيم بانها: تلك الملكة الخاصة التي تميز الكائن الحر الناطق من حيث هو موجود عاقل يصدر افعاله عن ارادته هو، لا عن ارادة اخرى غريبة عنه، فالحرية بحسب معناها (الاشتقاقي) هي انعدام القسر الخارجي. ويرى الشيخ ابو زهرة محمد بن احمد بن مصطفى (1898-1974م): ان الحر حقا هو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الانسانية العالية، الذي يعلو بنفسه عن سفاسف الامور، ويتجه إلى معاليها ويضبط نفسه، فلا تنطلق اهواؤه ولا يكون عبدا لشهوة معينة، بل يكون سيد نفسه، فالحر من يبتدئ بالسيادة على نفسه، ومتى ساد نفسه وانضبطت أهواؤه وأحاسيسه يكون حرا بلا ريب (2). وقد تحدث الدكتور الدريني عن الحرية بكونها " هي المكنة العامة التي قررها الشارع للأفراد على السواء، تمكيناً لهم من التصرف على خيرة من أمرهم دون الإضرار بالغير."وقد بينها الله تعالى في مجموعة من الايات على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم،ٍ (التين: 4) فهدا التقويم مرده للحرية وبصفة خاصة حرية الكرامة. وبهدا فالحرية دات معطى استراتيجي ومقدس. لكن تصتدم هاته الحرية بسلطة الحكم المفهوم المتعلق بتنظيم الدولة الدي يقف موقف التقيد والمعارض للحرية. وقد كان الاسلام لا يطرح هدا الاشكال مادام ان معطى الحرية هو اللاهي وكدلك التنظيم السلطوي يستمد احكامه من الله. بهدا تصبح شريعة الله الفيصل في تنظيم هدا التنافر بين المفهومين.
و ماطرحناه سابقا يستدعي منا النطرق الى مفهوم اخر الا وهي السياسة الدي يعتب في المنظور الاسلامي هي كما ورد عند ابن عابدين بقوله ( "فالسياسة استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة". فالسياسة إصلاح أمور الرعية وتدبير أمورهم، وبعضهم جعل السياسة هي المحافظة على مقصد الشارع بدفع المفاسد عن الخلق. ولعل من أحسن ما نقل عن الفقهاء المسلمين في هذا المجال ما نقله ابن القيم عن ابن عقيل الحنبلي قوله: "السياسة ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد.") (3) ولقد قام الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بتنزيل تلك الاحكام في تنظيم جماعي انساني يضم اولى لبنات الدولة السياسية واكمل الخلفاء الراشدون (رضي الله عنهم) الطريق من بعده هكدا قاموا ببتكار الخليفة المختار بنظام الشورى والدي يعد نظام ديمقراطي اقرب للانتخابات بالمفهوم الحالي. لقد قام مجموعة من الفقهاء كالماوردي وغيره او ما يطلق عليهم بالاداب السلطاني (4) بشرح طريقة الشورى التي تحتاج الى مجموعة نسمى باهل الاختيار والدين يتعاقدون مع الخليفة المستوفي للشروط التي دكرها الماوردي (5) وابن خلدون. اما بعد الاختيار للخليفة هنا يحدد عقد متبادل الالتزامات فالامة يجب ان تقدم الولاء والطاعة للخليفة مقابل السهر على مصالحهم (6).
لكن كل مابناه الخلفاء الراشدون هدته الاجبال القادمة كما دكرنا الموضوع في مقالة سابقة سرعان من نحرفوا عن الطريق الاصح مغيرين بدالك نظام الحكم من الشورى الى الوراثة الملكيةاو بعبارة اخرى الانتقال الى لغة السيف والدم (7). وان الامام كما دكرته الكتب السلطانية هو دلك الراعي الدي يسهر على رعية وهده الاخيرة لم يعرفها الادب السلطاني لكونها دات معطى بديهي لايحتاج التوضيح (8).
وخلاصة القول ان التصور الاسلامي هو مجرد مبادئ تحدثت عنها الكتب السلطانية وكتب ساسية اخرى فهي لم تحدد ماهوكائن بل ما يجب ان يكون (9) وبعبارة ادل وادق ان الفكر الاسلامي لهدا الاشكال هو مجرد طوباويات (10).
وسيتبعه الجزء الثاني انشاء الله......
" كيف كان التصور الاسلامي والغربي في اشكال علاقة السلطة بالحرية ؟ "
_ اولا : التصور الاسلامي
لنبدا بالتصور الاسلامي. فالاسلام يعترف ويضمن الحقوق والحريات الانسانية. فالحق في نهاية المطاف هو حرية والشريعة الاسلامية هي اول من نادت بالحرية فالانسان لا يستبعد لقول عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.". وفد عرف الفقه الاسلامي الحرية في الاصطلاح بتعاريف كثيرة منها: تعريف جابر بن حيان الكوفي (ت815هـ) بانها: ارادة تقدمتها روية مع تمييز. وقال ابو حامد الغزالي محمد بن محمد بن محمد (450-505هـ) بأن: الحر من يصدر منه الفعل مع الارادة للفعل على سبيل الاختيار، على العلم بالمراد. وعرفها الدكتور زكريا ابراهيم بانها: تلك الملكة الخاصة التي تميز الكائن الحر الناطق من حيث هو موجود عاقل يصدر افعاله عن ارادته هو، لا عن ارادة اخرى غريبة عنه، فالحرية بحسب معناها (الاشتقاقي) هي انعدام القسر الخارجي. ويرى الشيخ ابو زهرة محمد بن احمد بن مصطفى (1898-1974م): ان الحر حقا هو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الانسانية العالية، الذي يعلو بنفسه عن سفاسف الامور، ويتجه إلى معاليها ويضبط نفسه، فلا تنطلق اهواؤه ولا يكون عبدا لشهوة معينة، بل يكون سيد نفسه، فالحر من يبتدئ بالسيادة على نفسه، ومتى ساد نفسه وانضبطت أهواؤه وأحاسيسه يكون حرا بلا ريب (2). وقد تحدث الدكتور الدريني عن الحرية بكونها " هي المكنة العامة التي قررها الشارع للأفراد على السواء، تمكيناً لهم من التصرف على خيرة من أمرهم دون الإضرار بالغير."وقد بينها الله تعالى في مجموعة من الايات على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم،ٍ (التين: 4) فهدا التقويم مرده للحرية وبصفة خاصة حرية الكرامة. وبهدا فالحرية دات معطى استراتيجي ومقدس. لكن تصتدم هاته الحرية بسلطة الحكم المفهوم المتعلق بتنظيم الدولة الدي يقف موقف التقيد والمعارض للحرية. وقد كان الاسلام لا يطرح هدا الاشكال مادام ان معطى الحرية هو اللاهي وكدلك التنظيم السلطوي يستمد احكامه من الله. بهدا تصبح شريعة الله الفيصل في تنظيم هدا التنافر بين المفهومين.
و ماطرحناه سابقا يستدعي منا النطرق الى مفهوم اخر الا وهي السياسة الدي يعتب في المنظور الاسلامي هي كما ورد عند ابن عابدين بقوله ( "فالسياسة استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة". فالسياسة إصلاح أمور الرعية وتدبير أمورهم، وبعضهم جعل السياسة هي المحافظة على مقصد الشارع بدفع المفاسد عن الخلق. ولعل من أحسن ما نقل عن الفقهاء المسلمين في هذا المجال ما نقله ابن القيم عن ابن عقيل الحنبلي قوله: "السياسة ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد.") (3) ولقد قام الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بتنزيل تلك الاحكام في تنظيم جماعي انساني يضم اولى لبنات الدولة السياسية واكمل الخلفاء الراشدون (رضي الله عنهم) الطريق من بعده هكدا قاموا ببتكار الخليفة المختار بنظام الشورى والدي يعد نظام ديمقراطي اقرب للانتخابات بالمفهوم الحالي. لقد قام مجموعة من الفقهاء كالماوردي وغيره او ما يطلق عليهم بالاداب السلطاني (4) بشرح طريقة الشورى التي تحتاج الى مجموعة نسمى باهل الاختيار والدين يتعاقدون مع الخليفة المستوفي للشروط التي دكرها الماوردي (5) وابن خلدون. اما بعد الاختيار للخليفة هنا يحدد عقد متبادل الالتزامات فالامة يجب ان تقدم الولاء والطاعة للخليفة مقابل السهر على مصالحهم (6).
لكن كل مابناه الخلفاء الراشدون هدته الاجبال القادمة كما دكرنا الموضوع في مقالة سابقة سرعان من نحرفوا عن الطريق الاصح مغيرين بدالك نظام الحكم من الشورى الى الوراثة الملكيةاو بعبارة اخرى الانتقال الى لغة السيف والدم (7). وان الامام كما دكرته الكتب السلطانية هو دلك الراعي الدي يسهر على رعية وهده الاخيرة لم يعرفها الادب السلطاني لكونها دات معطى بديهي لايحتاج التوضيح (8).
وخلاصة القول ان التصور الاسلامي هو مجرد مبادئ تحدثت عنها الكتب السلطانية وكتب ساسية اخرى فهي لم تحدد ماهوكائن بل ما يجب ان يكون (9) وبعبارة ادل وادق ان الفكر الاسلامي لهدا الاشكال هو مجرد طوباويات (10).
وسيتبعه الجزء الثاني انشاء الله......
_هوامش الجزء الاول_
(1) جون ستيوارت ميل. عن الحرية. مكتبة الاسكندرية. ص5
(2) انظر: السامرائي، د. نعمان عبد الرزاق، النظام السياسي في الاسلام (الرياض، فهرست مكتبة الملك فهد الوطنية، الطبعة 1، 1419هـ/1999م) ص175-176.(3) ان مافي المعقوفتين مقنبس من هدا الموقع http://www.eiiit.org/resources/eiiit/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=450
(4) لقد جاء في مقالة لعز الدين علام تحت عنوان مورفولوجية الأدب السياسي ان عبارة " الآداب السلطانية " يقصد بها :أ- تلك الكتابات السياسية التي تزامن ظهورها الجنيني مع ما يسميه الجميع، بحدث "انقلاب الخلافة إلى ملك". وكانت في جزء كبير منها نقلا واقتباسا من التراث السياسي الفارسي، واستعانة به في تدبير أمور الدولة "الإسلامية" الوليدة.ب- وهي كتابات تقوم في أساسها على مبدأ "نصيحة" أولى الأمر في تسيير شؤون سلطتهم، إذ تتضمن كافة موادها مجموعة هائلة من النصائح الأخلاقية والقواعد السلوكية الواجب على الحاكم إتباعها بدءا مما يجب أن يكون عليه في شخصه إلى طرق التعامل مع رعيته مرورا بكيفية اختيار خدامه واختبارهم وسلوكه مع أعدائه....ج- وفي عرضها لنصائحها الهادفة إلى تقوية السلطة ودوام الملك، تتبع هذه "الآداب" منهجية، أو لنقل تصورا عمليا براجماتيا يجعل منها في النهاية فكرا سياسيا "أداتيا" Instrumental لا يطمح إلى التنظير بقدر ما يعتمد التجربة، ولا يتوق إلى الشمولية بقدر ما يلزم حدود الواقع السلطاني دونما قفز عما يتيحه من إمكانات، وهي كلها أمور تجعل من "الآداب السلطانية" ثقافة سياسية مميزة عما عرفته الرقعة العربية الإسلامية من ثقافات، ونقصد بالخصوص الثقافة السياسية "الفلسفية"، والثقافة السياسية "الشرعية".د- كما أنها اعتمدت في صياغة تصوراتها السياسية الأخلاقية على ثلاث منظومات مرجعية كبرى هي السياسة الفارسية –الساسانية، والحكم اليونانية– الهلنستية، والتجربة العربية – الإسلامية، وعملت على تذويب كل تناقض أو تعارض محتمل بين المنظومات الثلاث إلى حد يحول معه اختزالها في إحدى هذه المنظومات واعتبارها لذلك مجرد أثر فارسي أو مجرد صدى لـ "خريف" الفكر اليوناني، ناهيك عن اعتبارها فكراً إسلاميا "نقيا".تزامن ميلاد "الآداب السلطانية" مع ظهور نظام "الملك" وقيامها على مبدأ "النصيحة" الهادفة إلى تدبير هذا الملك وتصورها العملي والبراجماتي للمجال السياسي، ودائرتها المرجعية... تلك هي الحدود الكبرى لهذه الآداب التي يلزم الحفر فيها لتحديد مواضيعها ومساءلتها.
(5)انظر لكتاب الماوردي " الاحكام السلطانية " او كتاب لابن خلدون " المقدمة "
(6) سعيد خمري. المختصر في القانون الاسلامي. مطبعة القرويين 2007 ص 27 .28. 29. 30.
(7) محمد اركون. الفكر الاسلامي المركز الثقافي العربي الطبعة الثانية ص 167. 168
(8) عز الدين علام. الاداب السلطانية. عالم المعرفة 2006. ص 193
(9) سعيد خمري. نفس المرجع السابق ص 10
0 التعليقات:
إرسال تعليق