يرعى القانون المدني المعاملات المالية بين الناس ويتألف من مجموعة قواعد قانونية تحدد الحقوق والواجبات المنبثقة عن هذه المعاملات. وإذا كان التعامل حراً بين الناس، يرتبون علاقاتهم ببعضهم البعض كما يشاؤون، إلا أنه لا بد من ضوابط لهاذ التعامل تحفظ له وظيفته الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية بحيث يأتي ضمن إطار الشرعية لا يتعداه وإلا أبطل أو تعرض للإبطال لمساسه بمصالح الأفراد أو بالمصلحة العامة. فالمعاملات المالية عصب الحياة الاقتصادية في أي مجتمع إنساني. لذلك لا بد لها من أن تنتظم وفقاً لقواعد قانونية تعود جذورها إلى أصول التعامل التي أقرها المجتمع نتيجة خبرات تراكمت عبر العصور ضماناً للحقوق واحتراماً للالتزام. وبالنظر لأهمية هذه القواعد الضابطة لأهم نشاط يقوم به الإنسان في مجتمع؛ احتل القانون المدني مكانة هامة بين القوانين، حتى أنه يعبر عنه بالقانون المدني الأساسي، فيرجع إلى قواعده كلما برز نقص في القوانين الأخرى أو كانت هذه القوانين بحاجة لقاعدة قانوينة شاملة يمكن أن تتفرغ عنها حلول خاصة.
وهكذا نصت المادة الثانية من قانون التجارة اللبنانية على أنه "إذا انتفى النص في هذا القانون فتطبق على المواد التجارية أحكام القانون العام، على أن تطبيقها لا يكون إلا على نسبة اتفاقها على المبادئ المختصة بالقانون التجاري". والمقصود بالقانون العام القانون المدني الأساسي أي ما يسمى بالفرنسية Droit Commun. فالقانون المدني إذاً هو قانون مركزي يرعى العلاقات المدنية بين المواطنين فتأتي القواعد القانونية المنتظمة ضمنه لتحافظ على الحقوق وتوفر الحلول العادلة والمنصفة في حال نشأ نزاع حلوها. تقسم هذه القواعد إلى قواعد آمرة عندما يكون الهدف منها فرض نظام معين للتعامل حفاظاً على مصلحة فردية أو عامة، وقواعد مواجهة يعود للأفراد حق الاستعانة بها أو تجاوزها في معاملاتهم طالما أنها لا تمس بالنظام العام.
في هذا الإطار يأتي كتاب المحامي موريس نخلة الذي يشرح فيه القانون المدني من خلال دراسة مقارنة تتناول المبادئ الأساسية التي ترعى القانون المدني وتحصيصاً الموجبات المدنية وذلك من المادة 1 حتى المادة 118 بما في ذلك: أنواع الموجبات، الموجبات المدنية والطبيعية، الموجبات المختصة بعدة أشخاص، الموجبات الشخصية والعينية، الموجبات التي تتجزأ والموجبات التي لا تتجزأ، الموجبات الأصلية والإضافية، الموجبات الشرطية، الموجبات ذات الأجل. وقد حرص المؤلف على جعل هذه المبادئ بمتناول طالب الحقوق والممارس على السواء.
تحميل الجزء الاول من الكتاب
0 التعليقات:
إرسال تعليق